~ قفصـــــ الاتهامـــ ~

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بسم الله الرحمن الرحيم

تفكرت كثيراً عن أى موقف وفى أى مكان وإلى أى زمان تكون رحلتى
أرهقنى التفكير وذهبت هنا وجلت هناك بخواطرى
وفى خضم تفكيرى
رأيت أن أجول بأحلامى فى عصر العز والرخاء
عصر الهناء والسعادة
عصر المال والسلطة
عصر من احتلوا مكانة عظيمة وجلسوا على عرش المال والسلطان لسنوات عديدة
يظلمون هذا ويقهرون ذاك
ويحرمون هذا ويقتلون ذاك
لمن كانوا بطغيانهم وجبروتهم يسيطرون على تفكير الكثيرين
ولا يسمحون حتى بالقرب من أفكارهم أو ما يخصهم
عصر من فعلوا وجابوا وطغوا وعاثوا فى الأرض فسادا
إنهم طغاةٌ بالفعل جبابرة ظلموا استهانوا بالأعراض والأموال
قتلوا ضربوا حرموا أخذوا وما أعطوا شيئاً
عاشوا الحياة بطولها وعرضها بحلوها وبذخها بهنائها وسرورها
لم يكدر صفوهم مكدر
ورأيت أن أتكلم عن المكان الذى يستحقون التواجد فيه
قفص الاتهام
سبحان من أعز مقدارهم وأعلى من شأنهم
سبحان من أعطاهم المال والجاه والعزة والكبرياء


لقد أعطوا ضوءاً أخضر ليتسلطوا ويقهرو الصغير قبل الكبير
الفقير قبل الغنى الضعيف قبل القوى وغيرهم

نسوا وما أنساهم إلا الشيطان ذكر ربهم ذكر اليوم الذى سيأتى عليهم ويوضعون فى قفص الاتهام
تجبرهم وطغيانهم أنساهم أنه كما جاء اليوم على من قبلهم سيأتى عليهم
وأنهم سينالون ما ناله الطاغية الذى سبقهم وفى نفس القفص
يا له من قدر
ظنوا أنهم بشخصهم القوى وسلطانهم وعظمتهم
بتاريخهم الكبير وجاههم العظيم أنهم يقدرون
أن يحددوا قدرهم بأيديهم ولن يحكم عليهم
بالذل والهوان كما حكم على من سبقهم ونسوا صاحب القدر
نسوا رب العباد
ويأتى الزمان واليوم الذى يقال لهم هذا يومكم الذى تحاسبون فيه على ظلمكم وقتلكم الأبرياء
هذا يوم كل طاغى متجبر
فيومٌ لنا ويومٌ لكم
وسبحان من أعز شخصاً وأزل آخر

نسى بعض الجبابرة الظغاة أن صوت الشعب هو صوت القوة
صوت الحق صوت النصر

هناك قولٌ مأثور ينسب للشاعر اليونانى هسيود Hesiod فى القرن الثامن قبل الميلاد
the voice of the people is the voice of god

ويقول أحمد شوقى
وأهيب ما كان بأسُ الشعوب = إذا سلح الحق أعزالها

ويقول أبى القاسم الشابى
إذا الشعب يوما أراد الحياة
فلا بد أن يستجيب القدر
ولا بد لليل أن ينجلي
ولابد للقيد أن ينكسر

لقد أراد الشعب الحق وأراد الحرية والعزة والكرامة لقد أراد الحياة فنالها بعزه وشرفه وثورته
لقد انكسر القيد وفار الدم وانجلى الليل بسواده وظلمته وأصبح نهاره مشرقاً بفرحة بنقاء وعذوبة بعيداً عن الحزن

يخفى على بعض الطغاة أن ساعة واحدة حافلة بالأمجاد تساوى عصراً برمته عاطلين عن المجد
One crowded hour of glorious life is worth an age without a name


فكما قال المتنبى

ولا تحسبن المجد زقا وقينة
فما المجد إلا السيف والفتكة البكر
وتضريب أعناق الملوك وإن ترى
لك الهبوات السود والعسكر المجر
وتركك في الدنيا دويا كأن
تدوال سمع المرء أنمله العشر

ومهما حاولنا الكلام عن الجبابرة والطغاة لن نوفيهم قدر أنفسهم من الكلام
أردت اليوم أن أتكلم عن الطاغى الظالم الذى يظلم ويتجبر
أردت أن أتكلم عن قفص الاتهام ومن يحق له التواجد فيه ومن لا يستحق التواجد فيه
قفص الاتهام لم يصنع إلا للطغاة الجبابرة
القتلة الظلمة
وأتمنى أن أكون قد وفقت فيما أردت كتابته
أختكم الشلال المتدفق